ما بعد الصحوة عبد الله الغذامي | مراجعة

ما بعد الصحوة تحولات الخطاب من التفرد إلى التعدد - عبد الله الغذامي


ما بعد الصحوة عبد الله الغذامي
ما بعد الصحوة كتاب نقدي ثقافي لمرحلة يصفها الغذامي بـ"ما بعد الصحوة"، وهي تحول معنوي في المصطلح نفسه، وليس تحولا عنه. ويذكر الكاتب في مقدمة الكتاب أن الصحوة: "ظرف ثقافي" نشأ لأسباب رمزية، يسود ويسيطر، وأيضا قابل للانحسار والزوال.

الكتاب مقسّم لأربعة فصول:


الفصل الأول: علامات الصحوة

عرض الغذامي في هذا الفصل علامات الصحوة صعوداً وهبوطا، وأكدّ على وضع مسار زمني لها "عشر سنوات" من 1987 إلى 1997، ثم تحدث عن العنصر الجوهري المهيمن في الصحوة، والذي يمثل القلب للجسد وبدونه تنتهي الصحوة، وهو "الحشد الصحوي" كما سماه.
لاحظَ  الغذّامي من علامات الصحوة التغير الذي حصل في قاعات الجامعة، حيث ترك الشباب العقال وأطلقوا اللحية وقصروا الثوب واستبدلوا السيجار بالسواك، وكيف جرى بعدها  احتلال المنصات والأنشطة والتدخل في مسارات بعض الفعاليات مثل الجنادرية ومعرض الكتاب.
في الفصل أيضا كلام حول  "التوجس من الغير" وكيف خلقت الصحوة جوا من التشكيك في كل ما هو غير صحوي.
وفي الأخير عرض بعض منجزات الصحوة من خلال آراء بعض المتابعين في تويتر.

الفصل الثاني: التدين (غير المحسوم) ثقافياً

أورد في هذا الفصل علاقة الدولة بالدين وكيف أن الدين يحل كضيف عزيز عليها ترعاه وتكرمه حسب الشروط الواقعية والأجواء العامة للدولة.
ومن جديد أكد على فكرة أن التدين يشترك فيه الجميع، وهو سابق على التنظيمات الإسلامية وباقٍ بعدها، وذكر أمثلة على خطورة ربط الصحوة بالتدين.
وفي هذا الفصل أيضا قارن بين الصحوة في السعودية ومصر وأن الصحوة في السعودية حصلت على حضن اجتماعي، وتقبل ورضى من الأغلبية، عكس الصحوة في مصر حيث بدأت مبكرا ولم تجد ترحيبا من الدولة ولا البيئة المحيطة بها، وقتها كان أبناء الخليج يرفلون في زمن الطفرة النفطية .

الفصل الثالث: ثقافة الاحتساب

في مستهل هذا الفصل ذكر العلاقة بين الرقم والصوت وأنه كلما زاد العدد وارتفع الصوت أعطى انطباعا أقوى، ومنه استخدمت الصحوة مصطلح "إكثار سواد الأمة" كقيمة تحفيزية لتجميع الشباب وهو سر كل نجاح حققته الصحوة في كل المحافل!
وكتب أيضا نبذة عن الأصل في معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكيف أدى حماس الصحوة ليشمل الأمر المسائل الخلافية مثل: القيادة، والنقاب. وأصبح الأمر بالمعروف فرض رأي فقهي وحكما وهو في أصله رأي وليس حكما.
قسّم الغذامي في هذا الفصل صيغ الاحتساب 3 أقسام وهي: الاحتساب بالضغط، الاحتساب بالتبليغ، الاحتساب بالعنف، وشدّد على فكرة أن الاحتساب يعد العنصر الثاني المكون للصحوة السعودية، وبذلك كان سببا في أمور خطيرة مثل: فتاوى من شباب الصحوة الصغار التي ليست عن علم ذاتي وإنما تكرار لما سمعوه، وأيضا حجب الفتاوى الأخرى المخالفة حتى ولو كانت من أكبر علماء الأمة عن الشباب المحتسبين، وغيرها.
أسهب أيضا في فقرة الاحتساب والمرأة، وكيف أن الصحوة صبّت جل اهتمامها على قضايا المرأة وهي (الحجاب "تغطية الوجه"، وقيادة المرأة للسيارة) وجرى تفسير أي محاولة للنساء للمناقشة في هذين الموضوعين إلى اتهامهن بالتغريب وأنهن دعاة فتنة.
في نهاية الفصل ذكر أن نشاط الصحوة الاحتسابي تلخص في أربع قضايا: قضية الحداثة، قيادة المرأة للسيارة، حجاب المرأة، النشاط الثقافي في المنابر ومعرض الكتاب.

الفصل الرابع: التعددية الثقافية

في الفصل الأخير، عاد الغذّامي ليؤكد من جديد أن الصحوة ظرف ثقافي، نشأت عندما انتهت القومية العربية فأصبح هناك فراغ رمزي بين الشباب ملأته الصحوة، وأن تراجع الصحوة بدأ من عام 1997 بسبب ما أسماه "فيروس التوجس".
ثم بدأ بذكر بعض الأسباب التي أدت إلى إنكماش الصحوة ومن بعضها:
- نقد الصحوة من رموزها، مثل القرضاوي والحضيف، ومن خارجها وبعض النقد كان قويا وصارخا حتى أن لحوم العلماء لم تعد مسمومة. 
- أهمية كل من: حقوق الإنسان، وحقوق الشعب، والحرية لضمان استمرار أي حركة وتنظيم سياسي واجتماعي.
- ثورة تويتر وكيف أخرجت لنا الغالبية الصامتة التي كانت غير مؤثرة، ووضعت حداً لقانون التوجس بعد فهم الناس وسماعهم لكلام الكل، وركود الحشد الصحوي، وكيف تغير مفهوم الأتباع إلى متابعين.

ما أعجبني:

- الاختصار في شرح الأفكار في الفصل الأول وهو ما أسماه بـ "التوريقات"، حيث عدد علامات الصحوة صعودا وهبوطا خلال عشر سنوات.
- لغة الكاتب واضحة وسلسة ولا تحتوي على الكثير من المصطلحات الغريبة التي تحتاج للمراجعة.
- طريقة تقسيم فصول الكتاب كانت منطقية وتحث على متابعة القراءة.

مالم يعجبني:

- التكرار والتوكيد، حيث كرر الغذامي كثير من الأفكار في الفصل الأول من خلال الفصول التالية، مع تغيير بناء الجملة، لعل هذا مفيد في ترسيخ الفكرة، لكنه ممل أحيانا خاصة إذا كان التكرار بعد عدد يسير من الصفحات.
- التركيز الشديد على أن قوة الصحوة وسبب قيامها هي "الحشود" والحشود فقط وبدونها لما كانت للصحوة أي قيمة، ونسي الغذّامي أن الصحوة تميزت وتفوقت عن غيرها من الحركات في السعودية بالبعد الديني.
- شعرت أنه استخدم الكتاب كوسيلة للإقتصاص من "عوض القرني"، حيث تحدث كثيرا عنه في الفصل الثالث في فقرة "الاحتساب لكشف التغريب".
- الغذامي يؤمن أن زمن الصحوة انتهى، ونعيش حاليا فترة "ما بعد الصحوة" حيث أصبح هناك مجال لتعدد الآراء والنقاشات، هذا صحيح من جهة، ومن جهة أخرى فإن التوجه التقليدي -الصحوي- لا زال مسيطرا على المجتمع، وجمهوره هو الأقوى -ولو ضعُف قليلا- ، وهذا بسبب ارتكازه على البعد الديني.

,,
الاحتساب مشروط بالتدرج من التغيير باليد أو اللسان أو في القلب، ومن الأكيد أن صاحب اليد هو السلطة الرسمية وليست حقاً للشخص غير المخول باستخدام اليد، بما إنها تعني قوة الفرض والتنفيذ. أما اللسان فهو قيمة لغوية تعبيرية وسيدخل في إطار الحق الذاتي لصاحبه، ولا وجه لمنعه بأي حق من الحقوق.
،،
ما بعد الصحوة، عبد الله، الغذامي، الصحوة، الحداثة، المتشددين، الهيئة

شاركني رأيك